العقاب الإيجابيّ شكل من أشكال تعديل سلوك الطفل، ولا نقصد بوصفه إيجابيًّا أنّه ممتع أو لطيف، بل استخدام أسلوب أكثر كفاءة في التقليل من تحسين سلوكيّات طفلك، وتجنّبه العواقب غير السارة نتيجة تصرّفاته. يمكن أن تكون العقوبة الإيجابيّة فعّالة عندما تتّبع السلوك غير المرغوب فيه على الفور، وعندما تطبّقها مع طفلك باستمرار.
مفهوم عقاب الطفل الإيجابيّ
تتضمّن العقوبة الإيجابيّة تحفيز طفلك لتحسين تصرّفاته بإدخال العقوبات إدخالًا تربويًّا، يتضمّن منعه من شيء يحبّه، مقابل حثّه على التوقّف عن فعل سلوك غير مرغوب فيه. تُشير كلمة "العقاب" إلى قمع السلوك السيّئ، وتشير كلمة "الإيجابيّ" إلى إضافة قيمة لسلوك طفلك.
أمثلة عقاب الطفل الإيجابيّ
رغم أنّ العقوبة تبدو سلبيّة بطبيعتها، إلّا أنّها ليست بالضرورة شيئًا سلبيًّا. إليك وسائل تطبيق العقوبة مع طفلك:
اربط العقاب بالسبب
لا تجعل عقاب طفلك عشوائيًّا، بل اربطه بنوع الخطأ الذي ارتكبه. عندما يتحدّث طفلك، مثلًا، مع شخص ما بطريقة غير لائقة، اطلب إليه كتابة رسالة اعتذار من الشخص.
ضع قوانين لعقابك
أخبر طفلك أنّ التصرّف "أ" يؤدّي إلى العقاب "ب"، بغضّ النظر عن سبب مشاركته في التصرّف "أ"، أو رأيه بعدالة العقاب "ب".
ناقش طفلك في حلّ المشكلة
يمكنك اتّباع هذا الأسلوب كأسلوب عقاب مُمنهَج وأكثر عقلانيّة مع طفلك. عندما يبقى طفلك مستيقظًا لوقت متأخِّر، ويرفض النوم مبكِرًا، عاقبه بإغلاق التلفاز، مثلًا، ولكن تحدّث معه حول وجوب نومه مبكرًا للتركيز في حصصه المدرسيّة، وأخبره بالأيّام التي يستطيع فيها البقاء مستيقظًا لوقت متأخِّر.
كن حازمًا في العقوبات التي تضعها
كن حازمًا في قرارك ولا تتأثّر بنوبات غضب طفلك التي تأتي ردّة فعل على العقوبة، لأنّ نوبات الغضب لا تدوم، ولكنّ التصرّف السيّئ يدوم حتمًا ما لم نضع له العقوبات.
اجعل طفلك مسؤولًا عن أفعاله
أخبر طفلك باستمرار أنّ تصرّفاته سبب العقاب. إن أظهر طفلك لا مبالاته تجاه عقابك في البداية، فسيصبح، مع الوقت، أكثر حذرًا تجاه تصرّفاته.
امنعه عن شيء يُحبّه
لا تتردّد في سحب لعبة طفلك المفضّلة، أو منعه من تناول قطعة حلوى، أو اللعب مع صديقه المقرَّب لفترة من الوقت، لحين تحسّن سلوكه. قد يكون ذلك ليوم أو أسبوع أو شهر، بحسب ما تعتقد أنّه الأنسب. يرتبط في ذهن طفلك قيامه بسلوك سيّئ وحرمانه من شيء يحبّه، فيحسّن سلوكه لا إراديًّا.
فوائد عقاب الطفل الإيجابيّ
يسهِم تنفيذ العقوبة الإيجابيّة مع طفلك بعناية وفعّاليّة في تشكيل شخصيّته وتعليمه مهارات حياتيّة مهمّة. في ما يلي بعض الفوائد التي يعزِّز بها العقاب الإيجابيّ انضباط طفلك، ويشجّعه على السلوك المسؤول:
أثره طويل المدى
أساليب العقاب الإيجابيّ مدروسة بعناية، حيث تحقِّق نتائج طويلة المدى، لأنّ الطفل يتعلّم من أخطائه بطريقة ممنهجة تصنع علاقة بين الخطأ والعقاب. الأمر الذي يقلِّل من احتماليّة تكرار طفلك الخطأ على المدى البعيد.
تطوير شخصيّة طفلك وتهذيبها
يمكن للعقاب الإيجابيّ، عند تطبيقه تطبيقًا صحيحًا، أن يعزِّز انضباط طفلك الذاتيّ. يصبح طفلك أكثر وعيًا بتأثير سلوكيّاته في نفسه والآخرين، بتجربة العواقب السلبيّة لأفعاله. يمكن أن يساعده هذا الوعي على تطوير ضبط النفس وتنظيم أفعاله من دون تدخّل خارجيّ. كما يمكن لطفلك، بالعقاب الإيجابيّ المستمر، استيعاب العلاقة بين سلوكه والعواقب الناتجة، ممّا يؤدّي إلى تطوير شخصيّته وتهذيبها.
تعلُّم طفلك من أخطائه من دون جلد ذاته على ارتكابها
يشعِر العقاب السلبيّ طفلك بالذنب من دون وضع حدود لتصرّفاته بطريقة تربويّة، بينما يركّز العقاب الإيجابيّ على تعميق فهم طفلك خطأه، بما لا يؤذي إنسانيّته واحترامه ذاته.
تعزيز شعور طفلك بالمسؤوليّة
يمكن أن تكون العقوبة الإيجابيّة فعّالة في وضع حدود وتوقعّات واضحة للأطفال. يكتسب طفلك فهمًا أفضل للسلوك المقبول وغير المقبول، بتحديد العواقب والإجراءات، ممّا يمكِّنه من اتّخاذ خيارات أفضل، ويعزِّز شعوره بالمسؤوليّة.
الموازنة بين التعزيز الإيجابيّ والعقاب الإيجابيّ
في الوقت الذي يمكن للعقوبة الإيجابيّة أن تكون أداة مفيدة، فمن الأهمّية بمكان موازنتها بتقنيّات التعزيز الإيجابيّة. يتضمّن التعزيز الإيجابيّ مكافأة السلوك المرغوب، والذي يمكن أن يكون أكثر فاعليّة في تعزيز التغيير الإيجابيّ طويل المدى. يمكن للوالدين إنشاء نهج شامل للانضباط، بالجمع بين التعزيز الإيجابيّ والعقاب الإيجابيّ للطفل. يضمن هذا النهج المتوازن تلقّي الأطفال ردود فعل بنّاءة على أفعالهم، وشعورهم بالفرح الناتج عن مكافأتهم على سلوكهم الإيجابيّ.
* * *
تنفيذ العقاب الإيجابيّ بحكمة، مع إقرانه باستراتيجيّات التأديب الأخرى، يمكن أن يقدّم العديد من الفوائد لك ولطفلك، حيث يساعد على ترسيم القوانين، وتعليم طفلك المساءلة والعواقب، وتعزيز انضباطه الذاتيّ. ومع ذلك، من المهمّ أن تحافظ على نهج متوازن مع طفلك بالجمع بين العقوبة الإيجابيّة والتعزيز الإيجابيّ. وعليه، يمكنك تشكيل سلوك طفلك وشخصيّته بشكل فعّال بما يعزِّز نموّه ليصبح فردًا مسؤولًا، بخلق بيئة رعاية داعمة تؤكِّد على التوجيه والفهم والاتّساق.
أقرأ أيضًا
كيفيّة التعامل مع الطفل العصبيّ وكثير البكاء | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)
كيفيّة التعامل مع الطفل العنيد | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)