إذا كنتم تريدون أطفالكم أن يكونوا أذكياء، اقرأوا لهم قصصًا خياليّة.
إذا كنتم تريدون أطفالكم أكثر ذكاءً، اقرأوا لهم مزيدًا من القصص الخياليّة.
ألبرت أينشتاين
استوقفتنا هذه العبارة التي بدأت بها المحاضِرة في إحدى ورشات التطوير المهنيّ، التي أعدّتها إدارة المدرسة لنا نحن المعلّمين. وبدأنا نتساءل لماذا نركّز غالبًا على القصص التربويّة، أو القصص التي تخدم مفهومًا أو موضوعًا مُعيّنًا؟ التي لا شكّ لا غنى عنها، ولكن لماذا لا نفكّر في قراءة قصص تحاكي خيال الطفل الخصب، ونخصّص لها وقتًا معينًا، قصصٍ نرى فيها عالمًا مختلفًا، قصصٍ تُعزّز النموّ الإبداعيّ والتحليليّ لدى الطفل، وأيضًا خياله ومداركه.
في الحقيقة زوّدتنا المدرسة بالعديد من المصادر والمنصّات الغنيّة بالقصص، كمنصّة "اقرأ بالعربيّة"، ومنصّة "أ ب ت" ومنصّة "عصافير"، وبدأنا البحث في هذه المنصّات عن قصص خياليّة متنوّعة ومختلفة، كان لمعظمها صلة، بشكل أو بآخر، بمفهوم أو موضوع معيّن نتناوله خلال رحلتنا التعليميّة. وسأشارك، في هذه التدوينة، تجربة أطفال الروضة الثالثة لفئة عمريّة تتراوح بين 5- 6 سنوات لبعض القصص الخياليّة الممتعة التي مررنا بها خلال رحلتنا التعليميّة.
قصّة "عندما نام القمر"
القصّة تتحدّث عن قريةٍ حلَّ الليل على سكّانها في أحد الأيّام دون قمر. وخلال القراءة وبعدها، حرصنا على طرح الأسئلة التي تثير فضول الأطفال وتحثّهم على التفكير والتخيُّل، وبدأنا، معًا، نتخيّل ماذا سيحصل لو حلّ علينا ليل بدون قمر، فتنوّعت، حقيقة، إجابات الأطفال وأفكارهم. لقد فتحنا للأطفال المجال، ببداية النقاش، للحوار فيما بينهم لتوسيع المدارك من خلال الحديث مع أقرانهم، وخرجت منهم أفكارًا كثيرة مُثيرة للاهتمام، فمنهم من قال: "سوف يصطدم الناس ببعضهم ولن يعرفوا أين يتّجهوا"، ومنهم من قال: "قد لا نستطيع النوم"، ومنهم من قال: "سيكون ليلًا مُخيفًا ومظلمًا"، وبدأت مجموعة أُخرى منهم بالبحث والتفكير بابتكار مصادر ضوء أُخرى.
قصّة "لو كنت غيمة"
دمجنا القصّة بحرف الأسبوع وهو حرف الغين، وخرجنا إلى الساحة الخارجيّة في المدرسة ونظرنا إلى السماء، وتأمّلنا الغيوم وتخيَّل كلّ واحد منّا ماذا سيفعل لو تحوّل إلى غيمة؟ فقال أحد الطلبة: "لو كنت غيمة سألمس قوس قزح"، وآخر قال: "لو غيمة سأتحوّل إلى أسد، لو كنت غيمة سألعب مع العصافير، لو كنت غيمة سأرى الطائرات عن قرب، لو كنت غيمة سأحاول أن ألمس الشمس"، ومنهم من قال: "لو كنت غيمة سأسقي الناس العطشى".
قصّة "اختفت الحروف"
تتحدّث القصّة عن طفل استيقظ في صباح أحد الأيّام ليتفاجأ بأنّ الحروف اختفت من الحياة. فكّرنا قبل أن نقرأ القصّة ماذا سيحصل لو كنّا مكان هذا الطفل، وتفاجأنا في أحد الأيّام باختفاء الحروف من حياتنا، أثارتهم الفكرة حقيقة، فنحن، دائمًا، نتعلّم عن الحروف وتمرّ معنا دائمًا وهي موجودة حولنا وفي كل مكان، ولكن ماذا لو اختفت فجأة من حياتنا، ففكّروا وأجابوا: "بدون الحروف لن أتمكّن من القراءة والكتابة، بدون الحروف ستكون المدرسة حزينة، بدون الحروف لن أتمكّن من مساعدة الحروف مبعثرة لتشكيل كلمات، بدون الحروف لن نعرف أسماءنا ولن نستطيع أن نسمّي الأشياء".
إضافة إلى العديد من القصص الخياليّة الأُخرى التي رافقتنا خلال رحلتنا التعليميّة، مثل "قصّة فيل"، و"سأطير"، و"الفرشاة السحريّة"، وقصّة "مدينة القبعات"، غيرها من القصص.
وعادة ما كنّا نفتتح القصص بعبارات مُثيرة جذّابة مثلًا في قديم الزمان، أو في زمن بعيد يُحكى أنه كان هناك، أو في غابة بعيدة تعيش قبيلة...، وما إلى ذلك من عبارات تُشعِرُنا وكأننا سنذهب إلى عالم آخر، أو أننا سنسافر في رحلة عجيبة. وحرصنا، دائمًا، على اختيار القصص وتبسيط بعضها بما يتناسب والفئة العمريّة والمستوى اللغويّ للأطفال واستخدام الدمى والأشكال والمجسّمات والصور خلال سرد القصّة، وأيضًا طريقة طرح الأسئلة تكون مختلفة، مثلًا لو كنت مكان هذه الشخصيّة الخياليّة في قصتنا ماذا ستفعل؟ أو ماذا تتوقّع أن يحدث؟ أو ماذا لو استبدلنا إحدى الشخصيّات بشخصيّة قصصيّة أُخرى من ستختار؟ ولماذا؟ وما هو دورها؟ وما إلى ذلك من النقاشات التي تحثّ الأطفال على استخدام مهاراتهم، كمهارات التفكير والتحليل والتواصل بشكلٍ فعّال.
تأمّل
في لحظة التأمّل فكّرنا كثيرًا أن نُخصّص أسبوعيًّا، أو ربما كلّ أسبوعين، حصّة نقرأ فيها قصصًا خياليّة، حصّة نعزّز فيها فضول المعرفة ونشبع حاجة الطفل ونستطيع من خلالها، أيضًا، تنمية مهارة القراءة، ربما نضع الكثير من خيارات القصص أمام الأطفال ونفسح لهم المجال للإبحار في موضوع معيّن يثير اهتمامهم ويدفعهم للتساؤل ويثري فكرهم وخيالهم الحرّ والغضّ، وفي الوقت ذاته، نتمكّن من استنتاج العبر والدروس والرسائل الإيجابيّة بطريقةٍ مباشرة أو غير مباشرة على حدٍّ سواء.